فصل: الشاهد الثلاثون بعد الخمسمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.حصار صلاح الدين الموصل.

ثم سار صلاح الدين من دمشق إلى الجزيرة في ذي القعدة من سنة ثمان وعبر الفرات وكان مظفر الدين كوكبري على كجك يستحثه للمسير إلى الموصل في كل وقت وربما وعده بخمسين ألف دينار إذا وصل فلما وصل إلى حران لم يف له فقبض عليه ثم خشى معيرة أهل الجزيرة فأطلقه وأعاد عليهم حران والرها وسار في ربيع الأول ولقيه نور الدين صاحب كيفا ومعز الدين سنجر شاه صاحب جزيرة ابن عمر وقد انحرف عن عمه عز الدين صاحب الموصل بعد نكبة مجاهد الدين نائبه وساروا كلهم مع صلاح الدين إلى الموصل وانتهوا إلى مدينة بلد فلقيه هنالك أم عز الدين وابنة عمه نور الدين وجماعة من أهل بيته يسألونه الصلح ظنا بأنه لا يردهن وسيما بنت نور الدين واستشار صلاح الدين أصحابه فأشار الفقيه عيسى وعلي بن أحمد المشطوب بردهن وساروا إلى الموصل وقاتلوها واستمات أهلها وامتعضوا لرد النساء فامتنعت عليهم وعاد على أصحابه باللوم في اشارتهم وجاء زين الدين يوسف صاحب اربل وأخوه مظفر الدين كوكبري فانزلهما بالجانب الشرقي وبعث علي بن أحمد المشطوب الهكاري إلى قلعة الجزيرة ليحاصرها فاجتمع عليه الأكراد الهكارية إلى أن عاد صلاح الدين عن الموصل وبلغ عز الدين نائبه بالقلعة زلقندار يكاتب صلاح الدين فمنعه منها وانحرف عنه إلى الاقتداء برأي مجاهد الدين وتصدر عنه ثم بلغه خبر وفاة شاهرين صاحب خلاط فطمع صلاح الدين في ملكها وأنه يستعين بها على أموره ثم جاءته كتب أهلها يستدعونه فسار عن الموصل إليها وكان أهل خلاط إنما كاتبوه مكرا لان شمس الدين البهلوان ابن ايلدكز صاحب أذربيجان وهمذان قصده تملكهم بعد أن كان زوج ابنته من شاهرين على كبره وجعل ذريعة إلى ملك خلاط فلما سار إليهم كاتبوا صلاح الدين ودافعوا كلا منهما بالآخر فسار صلاح الدين وفي مقدمته ناصر الدين محمد بن شيركوه ومظفر الدين صاحب اربل وغيرهما وتقدموا إلى خلاط وتقدم صاحب أذربيجان فنزل قريبا من خلاط وترددت رسل أهل خلاط بينه وبين البهلوان ثم خطبوا للبهلوان والله تعالى ينصر من يشاء من عباده.

.استيلاء صلاح الدين على ميافارقين.

ولما خطب أهل خلاط للبهلوان وصلاح الدين على ميافارقين وكانت لقطب الدين صاحب ماردين فتوفي وملك ابنه طفلا صغيرا بعده ورد أمرها إلى شاهرين صاحب خلاط وأنزل بها عسكره فطمع فيها صلاح الدين بعد وفاة شاهرين وحاصرها من أول جمادي سنة إحدى وثمانين وعلى أجنادها الأمير أسد الدين برنيقش فأحسن الدفاع وكان بالبلد زوجة قطب الدين المتوفي ومعها بناتها منه وهي أخت نور الدين صاحب كيفا فراسلها صلاح الدين بأن برنيقش قد مال إليها في تسليم البلد ونحن ندعي حق أخيك نور الدين فأزوج بناتك من أبنائي وتكون البلد لنا ووضع على برنيقش من أخبره بأن الخاتون مالت إلى صلاح الدين وأن أهل خلاط كاتبوه وكان خبر أهل خلاط صحيحا فسقط في يده وبعث في التسليم على شروط اشترطها من اقطاع ومال وسلم البلد فملكها صلاح الدين وعقد النكاح لبعض ولده على بعض بنات خاتون وأنزلها وبناتها بقلعة هقناج وعاد إلى الموصل ومر بنصيبن وانتهى إلى كفر أرمان واعتزم على أن يشتوابه ويقطع جميع ضياع الموصل ويحيى أعمالها ويكتسح غلاتها وجنح مجاهد الدين إلى مصالحته وترددت الرسل في ذلك على أن يسلم إليه عز الدين شهرزور وأعمالها وولاية الغرابلي وما وراء الزاب من الأعمال ثم طرقه المرض فعاد إلى حران وأدركه الرسل بالإجابة إلى ما طلب فانعقد هنالك وتحالفوا وتسلم البلاد وطال مرضه بحران وكان عنده أخوه العادل وبيده حلب وبها الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين واشتد به المرض فقسم البلاد بين أولاده وأوصى أخاه العادل على الجميع وعاد إلى دمشق في محرم سنة اثنتين وثمانين وكان عنده بحران ناصر الدين محمد ابن عمه شيركوه ومن اقطاعه حمص والرحبة فعاد قبله إلى حمص ومر بحلب وصانع جماعة من أمرائها على أن يقوموا بدعوته أن حدث بصلاح الدين أمر وبلغ إلى حمص فبعث إلى أهل دمشق بمثل ذلك وأفاق صلاح الدين من مرضه ومات ناصر الدين ليلة الأضحى ويقال دس عليه من سمه وورث أعماله ابنه شيركوه وهو ابن اثنتين عشرة سنة والله تعالى أعلم.